تقارير

العفو الدولية: مصير آلاف العراقيين الذين اختفوا قسرا طي المجهول

أكدت منظمة العفو الدولية أن مصير آلاف العراقيين “الذين اختفوا قسراً خلال النزاع المسلح لاستعادة السيطرة على أراض” من داعش وكذلك خلال المظاهرات التي عمَّت البلاد عام 2019 “ظل طي المجهول”.

ونوهّت في تقريرها السنوي 24-2023 إلى أن السلطات العراقية “لم تتخذ أي خطوات جادة لكي تقدِّم إلى ساحة العدالة أفراد قوات الأمن والميليشيات التابعة للدولة الضالعين في القمع العنيف للمظاهرات التي عمَّت البلاد في تشرين الأول 2019” على الرغم من “إنشاء عدة لجان للتحقيق وتقصي الحقائق”.

وأشارت إلى أن جهات مسلحة، من بينها أفراد من فصائل الحشد الشعبي، استمرت في “مضايقة وترهيب أقارب وأحباء النشطاء الذين اختفوا أو قُتِلُوا في سياق مظاهرات تشرين الأول 2019”.

وذكرت أن رسالة من مكتب رئيس الوزراء إلى منظمة العفو الدولية، في نيسان 2023، استعرضت الإجراءات التي اتخذتها لجنة تقصي الحقائق، التي أُنشئت في تشرين الأول 2020 وأُعيد تفعيلها في تشرين الثاني 2022، لبدء التواصل مع ممثلين لتظاهرات تشرين.

ونقلت عن المكتب قوله إن “اللجنة دقَّقت فيما يزيد عن 215 قضية حصلت عليها من محكمة في بغداد، واطلعت على آلاف التقارير الطبية، واستمارات تشريح المجني عليهم، وتقارير خبراء الأدلة الجنائية”.

وأضاف أن “عائلات القتلى تلقت تعويضات تصل قيمتها إلى حوالي 10 ملايين دينار عراقي (حوالي 7,650 دولاراً أمريكياً) لكل ضحية”.

منظمة العفو الدولية بيّنت أن اللجنة “لم تكن قد نشرت بعد أي نتائج بحلول نهاية العام. كما أثار بعض النشطاء والمحتجين وأفراد عائلات القتلى أو الجرحى بواعث قلق بشأن إمكانية الحصول على التعويضات، من بينها اشتراط تقديم وثائق طبية لم يستطع أغلب الجرحى الحصول عليها خلال المظاهرات”.

“عمليات الاختفاء القسري”

ذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها أن وزارة الخارجية العراقية ردت على رسالة منها بشأن “اختفاء ما لا يقل عن 643 رجلاً وصبياً من محافظة الأنبار منذ عام 2016″، قائلةً إنه “لم يُعثَر على أي دليل على ضلوع قوات حكومية، وإن عائلات المختفين لم تقدم أي شكوى جنائية ضد قوات الأمن بشأن حالات الاختطاف”.

بحسب المنظمة، استمرت قوات الأمن والمخابرات العراقية، بما في ذلك فصائل الحشد الشعبي، في “تعريض رجال وفتيان للاختفاء القسري بعد اقتيادهم من حواجز التفتيش، والمنازل، والشوارع”.

كما استمرت منظمات ونشطاء حقوق الإنسان في عدد من المحافظات، ولاسيما صلاح الدين، والأنبار، ونينوى، والبصرة، في الإبلاغ عن “حالات اختفاء قسري على أيدي وحدات من فصائل الحشد الشعبي متواجدة في هذه المحافظات”.

وأشارت المنظمة في تقريرها إلى تقديرات اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري، التابعة للأمم المتحدة، والتي أفادت بأن “ما بين 250,000 شخص ومليون شخص قد اختفوا قسراً في العراق منذ عام 1968، وحثَّت اللجنة العراق على تجريم هذه الممارسة”.

رداً على ذلك، قدَّمت السلطات العراقية إلى مجلس النواب العراقي، في (6 آب 2023)، مشروع قانون بشأن الأشخاص المفقودين، هدفه المُعلن هو “مساعدة الأقارب على معرفة مصير أفراد عائلاتهم المفقودين، وأن تُتاح لهم سُبل الحصول على تعويضات، وذلك عبر إنشاء مفوضية وطنية للمفقودين، من بين طرق أخرى” وفق المنظمة.

إلا أن آخر مسودة لمشروع القانون اطلعت عليها منظمة العفو الدولية “لا تُجرِّم عمليات الاختفاء القسري، ولا تحدِّد عقوبات لمرتكبيها”.

“حرية التعبير”

نفذَّت السلطات العراقية “سلسلة اعتداءات على حرية التعبير، وحاولت تقديم قوانين ولوائح لتقييد هذا الحق” وفق التقرير السنوي للمنظمة.

ففي كانون الثاني، أطلقت السلطات “حملة لقمع (المحتوى الهابط) على الإنترنت. وفي أواسط شباط، أعلن قاضٍ في محكمة التحقيق المتخصصة في قضايا الإعلام والنشر في بغداد أن المحاكم اتهمت بالفعل 14 شخصاً بنشر محتوى (هابط) أو (غير أخلاقي) على وسائل التواصل الاجتماعي، وحكمت على ستة منهم بالسجن مدداً تتراوح بين ستة أشهر وسنتين”.

وقد اتهموا جميعاً “بموجب المادة 403 من قانون العقوبات التي تُجرِّم المواد المنشورة (المخلة بالحياء أو الآداب العامة)”. وبين نيسان وكانون الأول، “اتُهم 13 شخصاً إضافياً. وقد أُفرج عن معظمهم بكفالة أو بعد إسقاط التهم الموجهة إليهم، ولكن أدين شخص واحد على الأقل وحُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر و10 أيام”.

في تموز، أعادت السلطات العراقية “تقديم مشروعَيْ قانونَيْن إلى مجلس النواب – وهما القانون بشأن حرية التعبير والتجمع السلمي، وقانون الجرائم المعلوماتية” ورأت المنظمة أن القانونين من شأنهما في حالة إقرارهما أن “يُقيّدا بشدة من الحقَّيْن في حرية التعبير والتجمع السلمي”.

وفي إقليم كوردستان، “ظلَّ بعض منتقدي الحكومة، الذين حل موعد الإفراج عنهم، سجناء وراء القضبان بعد أن قدمت السلطات تهماً زائفة جديدة ضدهم، ومن بينهم الصحفيان شيروان شيرواني وكوهدار زيباري المسجونان في إقليم كوردستان العراق، منذ تشرين الأول 2020، إثر محاكمة فادحة الجور”.

وأشارت المنظمة إلى أن كوهدار زيباري، أبلغ في 16 آب وهو اليوم الذي كان مقرراً للإفراج عنه، بأنه “اتُّهِم بارتكاب جريمة أخرى. وقد ظلَّ رهن الاحتجاز في منشأة تابعة لقوات الأسايش، وهي جهاز الأمن والمخابرات التابع لحكومة إقليم كردستان، حتى محاكمته في 1 تشرين الأول، حيث حُكِم عليه بالسجن ستة أشهر أخرى بتهمة حيازة سلاح غير مرخص”.

وكان من المقرر الإفراج عن شيروان شيرواني في 9 أيلول، و”لكن قضت محكمة في 20 تموز بسجنه أربع سنوات إضافية بتهم تتعلق بتزوير توقيع كوهدار زيباري على عريضة إلى مديرية إصلاح الكبار في أربيل، وهو ما أكد كوهدار زيباري أنه وافق عليه. وفي 1 تشرين الثاني، خفَّضت محكمة استئناف في أربيل مدة سجن شيروان شيرواني إلى سنتين”.

“حقوق أفراد مجتمع الميم”

في هذا الصدد، قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات “صعدت حملتها القمعية على حقوق مجتمع الميم”.

وأشارت إلى التوجيه الذي اصدرت هيئة الإعلام والاتصلات في 9 آب، الذي يحظر على وسائل الإعلام استخدام كلمة “الجندر”، ويقتضي استخدام تعبير “الشذوذ الجنسي” بدلًا من “المثلية الجنسية” في جميع المواد المنشورة أو المذاعة.

في 15 آب، أجرى مجلس النواب العراقي القراءة الأولى لمشروع قانون، اقترحه نائب رئيس المجلس، “من شأنه أن يفرض عقوبة الإعدام على كل منْ يثبت أنهم في علاقة جنسية مثلية، وكذلك إجراءات عقابية للأشخاص العابرين جنسياً الذين يسعون لعلاج لتأكيد النوع الاجتماعي. وسُحب مشروع القانون في أيلول بعد استنكار محلي ودولي”.

في إقليم كوردستان، “قبضت السلطات في مدينة أربيل، في 6 أيلول، على خبيرَيْ تجميل معروفَيْن واحتجزتهما بتهمة ارتداء ملابس الجنس الآخر ونشر صور (غير لائقة) على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما اعتبره الادعاء (إخلالًا بنظام المجتمع). وأُفرِج عنهما في الأسبوع التالي دون أن تُوجَّه إليهما أي تهمة”.

“حقوق النساء والأقليات”

منظمة العفو الدولية رأت في تقريرها 24-2023 أن مجلس النواب العراقي “تقاعس” عن “تجريم العنف الأُسري وتوفير حماية كافية للنساء والفتيات من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي”.

ففي نيسان، قضت محكمة في بغداد بـ “سجن والد طيبة علي ستة أشهر بتهمة قتلها في 1 شباط، وهو ما أدى إلى مظاهرات في بغداد احتجاجاً على الحكم المتساهل”.

ولم تتخذ السلطات “أي خطوات لتعديل بنود قانون العقوبات العراقي التي تسمح للزوج بمعاقبة زوجته، وللآباء بتأديب أطفالهم باستخدام العقاب الجسدي، وتقضي بأحكام مخفَّفة عقاباً على جرائم (القتل بدافع الشرف)”. كما يسمح قانون العقوبات لـ “مرتكبي جرائم الاغتصاب بتفادي المقاضاة عن طريق الزواج من ضحاياهم”.

وأدى “تقاعس حكومة إقليم كوردستان عن دعم آليات الحماية والخدمات التي أنشأتها الدولة إلى الحد بدرجة كبيرة من قدرة ضحايا العنف الأسري على الفرار من الإساءات التي يتعرضون لها”.

وكان من شأن “بطء الإجراءات القضائية وصعوبة ظروف المعيشة في مراكز الإيواء ألا يدع للنساء في الكثير من الأحيان أي خيار تقريباً سوى إسقاط الاتهامات ضد المسيئين بحقهن، وهو ما يديم الإفلات من العقاب أكثر”.

وفي نيسان، أعلنت السلطات العراقية أنه ينبغي للإيزيديات من ضحايا العنف أن يقدمن “شكوى جنائية للتأهل لتلقي التعويض”، كما هو محدد في قانون الناجيات الإيزيديات لعام 2021، “الذي يقوِّض بشدة المصلحة الفُضلى للضحايا ويعيق الوصول إلى تعويض كافٍ وسريع وفعال”.

“حقوق النازحين داخلياً”

في بداية العام، كان ما لا يقل عن 1.2 مليون نسمة، من الرجال والنساء والأطفال، “لا يزالون نازحين داخلياً” نتيجة للنزاع مع داعش، و”ما زال أغلبهم يعيشون في أوضاع محفوفة بالمخاطر بعد مرور ما يقرب من ست سنوات على إعلان الحكومة الانتصار” على التنظيم.

وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أن الحكومة العراقية، أغلقت في نيسان 2023 “دون إنذار مسبق أو تنسيق مع جهات الإغاثة الإنسانية، آخر مخيم كان لا يزال يعمل في محافظة نينوى بشمال غرب العراق للنازحين داخلياً”.

و”تقع المخيمات الوحيدة المتبقية في مناطق تسيطر عليها حكومة إقليم كوردستان. وأدى إغلاق مخيم نينوى إلى ترك مئات الأسر عُرضةً لخطر النزوح مرة ثانية دون أي خطة لغير القادرين على العودة إلى مناطقهم الأصلية”.

واستمرت أجهزة الأمن والمخابرات العاملة في مديريات الأحوال المدنية في عدة محافظات في “تعريض مئات العائلات، وأغلبها عائلات تعولها نساء، لعملية الإدراج في قائمة سوداء بسبب افتراض انتسابها” إلى داعش. ومنعت تلك العائلات من “الحصول على وثائق الأحوال المدنية الضرورية للحصول على حقوق أساسية، وتركتها عُرضةً لخطر الاعتقال عند حواجز التفتيش” وفق المنظمة.

بحلول نهاية 2023، “كان ما لا يقل عن 1.1 مليون عراقي لا يزالون نازحين، من بينهم 175,000 شخص في مخيمات، والباقون في أوضاع نزوح للمرة الثانية”.

“الحق في بيئة صحية”

فيما يتعلق بتغيُّر المناخ، “استمر ترتيب العراق بين البلدان الأكثر عُرضة للتأثر بتغير المناخ، والأقل استعدادًا له”. ومع ذلك  واستمرت عناصر “يُعتقد أنها ضمن فصائل الحشد الشعبي، في ترهيب نشطاء وخبراء البيئة، بل واختطافهم في بعض الحالات”.

ففي شباط 2023، قام مسلحون مجهولون، من مدينة الحلة بمحافظة بابل، بـ “اختطاف خبير حذَّر مراراً من جفاف الأهوار العراقية؛ وظل مصيره مجهولًا طوال أسبوعين”.

وأفاد بعد إطلاق سراحه بأنه “تعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. ولم يُعلَن عن أي تحقيقات أو اعتقالات فيما يتصل بالحادث”.

وعلى الرغم من أن “الحكومة تلقت دعماً لوضع خطة تكيُّف وطنية، لم تكن قد نشرت أي معلومات بهذا الصدد بحلول نهاية العام”.

وأشارت إلى إعلان العراق عن خطط لحفر آبار جديدة وزيادة إنتاج النفط، ورأت أن ذلك “يتعارض مع النتيجة التي توصلت إليها الأمم المتحدة ومفادها أنه يجب على البلدان خفض الإنتاج بدرجة كبيرة لإبقاء الاحترار العالمي عند أقل من 1.5 درجة مئوية”.

في تشرين الأول، “أفاد العراق بتحقيق إيرادات قياسية من مبيعات النفط منذ بداية عام 2023، تمثِّل ما يزيد على 90% من إيراداته الإجمالية، لكن هذا الدخل لم يؤدِّ إلى أي خطط لتنويع الاقتصاد”.

“الحق في المياه”

أصبح العراق، برغم موارده الطبيعية، “من بين أشد بلدان العالم معاناة من الشح المائي”.

التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية تطرق إلى إعلان وزارة الموارد المائية العراقية، للعام الثاني على التوالي، أن مستويات المياه في العراق في “أدنى مستوى على الإطلاق”.

و”ظلَّت السلطات العراقية تُرجع نقص المياه إلى بناء سدود في دول مجاورة، بينما أرجعت جهات أخرى، من بينها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، الشح المتزايد للمياه إلى مجموعة من العوامل، من بينها سوء إدارة المياه، كما أثارت بواعث قلق بشأن الاستخدام المفرط لموارد المياه غير المتجددة”.

وبحلول أيلول 2023، “ظلت 21,798 عائلة على الأقل نازحة في شتى أنحاء محافظات جنوب ووسط العراق، بسبب الجفاف وشح المياه المتفاقمين نتيجة لتغير المناخ، وذلك وفقًا لما ذكرته المنظمة الدولية للهجرة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى