العراق يتصدر مستوردي “القنابل المسيلة للدموع” من كوريا الجنوبية
تصدر العراق، اليوم الأحد، قائمة مستوردي “القنابل المسيلة للدموع” من كوريا الجنوبية بأكثر من 1.2 مليون قنبلة خلال العام الماضي ونصف العام الحالي، الأمر الذي أعاد للأذهان تظاهرات تشرين 2019 وما رافقها من أحداث، ليفتح بابا من التساؤل حول إمكانية عودتها من جديد لاسيما مع قرب إحياء الذكرى الخامسة لها.
وشكلت تظاهرات تشرين نقطة فارقة في تاريخ العملية السياسية بعد عام 2003، وأصبحت أيقونة عراقية جمعت كل أطياف المجتمع ووحدت مطالبهم، خاصة بعد القمع الذي رافقها، وأدى إلى مقتل أكثر من 600 متظاهر وإصابة 26 ألفا آخرين، لكن بريقها خفت نسبيا بعد تفشي وباء كورونا في العراق في شهر آذار مارس 2020، إلا أن خيام الاعتصام بقيت شاخصة في الساحات دون المساس بها من قبل القوات الأمنية لفترة وجيزة، ومن ثم جرت حملات لإزالتها بالكامل ودخلت بعض المدن مثل الناصرية بصراعات مع بعض الجهات المسلحة التي حاولت إزالة خيام الاعتصام، ومن ثم تم التوصل لقرار يقضي بإزالتها بشكل نهائي.
إذ ذكرت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية في تقرير لها اطلعت عليه “منصة خبر”، أن “كوريا الجنوبية صدرت أكثر من 4.7 ملايين قنبلة غاز مسيل للدموع إلى 25 دولة حول العالم منذ عام 2019، وفقا لبيانات وكالة الشرطة الوطنية”.
وأضافت أن “العراق كان أكثر الدول استيرادا للغاز المسيل للدموع من كوريا الجنوبية خلال الفترة من 2019 وحتى منتصف العام الحالي حيث استورد العراق 732 ألف قنبلة غاز مسيل للدموع من كوريا الجنوبية للمرة الأولى في العام الماضي واشترى 478 ألف قنبلة إضافية في النصف الأول من هذا العام”.
وفقًا لذلك، فأن 25% من صادرات كوريا من القنابل المسيلة للدموع ذهبت للعراق وحده، أي انه استورد خلال عام ونصف أكثر من 1.2 مليون قنبلة.
وجاءت إندونيسيا في المركز الثاني بـ649 ألف قنبلة، تليها الفلبين (625 ألفا)، وملاوي (398 ألفا).
وشهدت عدد من محافظات الوسط والجنوب خلال الأسابيع الماضية، احتجاجات شعبية ضد تردي الخدمات وضعف التجهيز بالطاقة الكهربائية، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة وغياب التعيينات.
يشار إلى أن قضية ضعف الخدمات بشكل عام، والتردي في إمدادات الكهرباء بشكل خاص، من بين أبرز الأسباب الرئيسية التي أشعلت معظم الاحتجاجات الشعبية خلال السنوات الأخيرة، حيث يعد معظم أصحاب القرار في العراق، فضلاً عن المواطنين العاديين، أن فصل الصيف وما يترتب عليه من تردٍ في خدمات الكهرباء والماء محك حقيقي لعمل الحكومة ووزاراتها الخدمية خلال الأشهر التي تسبق وقت الذروة وازدياد الطلب في فصل الصيف، وغالباً ما يتخوف صناع القرار من هذا الفصل شديد الحرارة الذي يدفع المواطنين للخروج بمظاهرات غاضبة ضد السلطات.
واندلعت التظاهرات في الأول من تشرين الأول سنة 2019، احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية للبلد، وانتشار الفساد المالي الإداري والبطالة، ووصلت مطالب المتظاهرين إلى إسقاط النظام الحاكم واستقالة حكومة عادل عبد المهدي، وتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات مبكرة.
وواجهت القوات الأمنية هذه المظاهرات بعنف شديد واستعملت قوات الأمن صنف القناصة واستُهدِف المتظاهرون بالرصاص الحي، وبلغ عدد القتلى من المتظاهرين حوالي 740 شخصاً منذ بدء المظاهرات، وأُصيب أكثر من 17 ألف بجروح خلال المظاهرات ومن بينهم 3 آلاف إعاقة جسدية، فضلاً على اعتقال العديد من المحتجين وأيضاً قطع شبكة الإنترنت.
ونجحت التظاهرات في لفت أنظار العالم إلى المطالب الشعبية في العراق، وضرورة الإصلاح السياسي، وبسبب الضغط الشعبي اضطرت حكومة عادل عبد المهدي إلى الاستقالة، كما دفعت البرلمان إلى الإعلان عن تعديل الدستور وتعديل قانون الانتخابات.
غير أن الطبقة السياسية نجحت في الانقلاب على مطالب المتظاهرين مستغلة العنف المفرط ضد المحتجين من جهة، وتفشي فيروس كورونا الذي حد من حراك التظاهرات من جهة أخرى.
وخلال فترة حكومة مصطفى الكاظمي 2020، بدأت مطالب المتظاهرين بالذوبان في بركة الوعود السياسية.
وكان الأمين العام لجبهة تشرين، واثق لفتة، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أنه “لا يمكن القول بأن الحراك الاحتجاجي قد انتهى، فهو لن ينتهي مادام الشعب موجودا والرفض قائما”، مبينا أن “الحكومة اليوم هي ليست حكومة خدمات، وليست شرعية، فهي حكومة قوة السلاح، أنتجها برلمان فاشل انسحب منه الفائز الأول، وهذه الحكومة إذا تعرضت لخطر معين فلن تحميها الجماعات المسلحة، بل ستكون أولى المنسحبين كما جرى مع الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي، حيث احتمى بالجماعات المسلحة، وكانت أول من تركته يواجه مصيره، لكن عندما تكون حكومة متلاحمة مع الشعب، سيكون هو أول مدافع عنها”.
يذكر أن منظمة العفو الدولية أكدت مطلع نوفمبر، 2019 أن قوات الأمن العراقية استخدمت قنابل مسيلة للدموع “اخترقت جماجم” المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام في بغداد، مشيرة إلى أن هذه القنابل المصنوعة ببلغاريا وصربيا، يبلغ وزنها 10 أضعاف وزن عبوات الغاز المسيل للدموع التي تستخدم بالعادة والتي تزن ما بين 25 و50 غراما، مبينة أن تلك القنابل “نوع غير مسبوق” من الأسلحة التي تهدف إلى قتل وليس إلى تفريق المتظاهرين.